في عام
2004م, قام مجموعة من المصرفيين الشباب بإنشاء أول منصة تمويل جماعي في العالم
باسم زوبا "Zopa"
لتلبية حاجة فئة غير مخدومة من قبل البنوك, وجدت هذه المنصة صدى كبير و نمو سريع
حتى أغلقت أبوابها نهاية عام 2021م.
فكرة المنصة؟
تسمح
للأفراد بتقديم قروض مالية لأفراد اخرين بمبالغ تبدأ من 1000 جنيه إسترليني و حتى
25,000 جنيه إسترليني.
في عام
2004م, قام خمسة من المصرفيين في مدينة باكينجهامشير في بريطانيا كانوا يعملون لدى شركة Egg Banking
التي تقدم خدمات مصرفية عبر الانترنت, بإنشاء
منصة تمويل جماعي بالدين باسم زوبا "Zopa" لتلبية حاجة فئة غير مخدومة من قبل
البنوك, يقوم بموجبها المستثمرين الأفراد بتقديم قروض مالية لأفراد اخرين مقابل
فائدة محددة.
بدأت كمنصة تمويل جماعي و انتهت كبنك
رقمي
يقول
الرئيس التنفيذي لشركة زوبا: "عندما تم إطلاق
الشركة في بداية عام 2005، لم يكن هناك أجهزة آيفون أو أجهزة متطورة، وكان واحد
فقط من كل ستة أشخاص في العالم لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت، وكانت الخدمات
المصرفية عبر الإنترنت لا تزال جديدة. ولم يتوقع أحد بأن هناك أزمة مالية عالمية قادمة.
لقد بدأنا في تحقيق مستويات عالية من النمو،
ومستويات عالية من رضا العملاء فقط, لقد اعتمدنا على شفافية المعدل واليقين في
اتخاذ القرار، مما يعني فعليًا أن العملاء اختاروا عدم الذهاب مع بنوكهم من خلال
القدوم إلينا."
كانت شهرة Zopa
هي أنها اخترعت الإقراض الرقمي من نظير إلى نظير peer-to-peer بين المقترضين والمستثمرين. في السنوات التالية, لم تنجو Zopa من الأزمة المالية العالمية عام 2008م فحسب،
بل تمكنت بحلول عام 2017 من تقديم قروض بقيمة 2 مليار جنيه إسترليني بنمو سريع و
كبير.
بداية الأزمة
في عام 2016م و رغم النمو السريع، بدأت
الشركة تعاني من صعوبة في التوسع بسبب القيود التي يفرضها المشرع بجانب مشاكل آخرى
في السوق مثل التعثر في السداد.
يقول الرئيس التنفيذي للشركة جايدف
جاناردانا خلال تلك الفترة: "لقد توصلنا إلى أن النموذج الذي نعمل به لتمويل
العملاء من خلال طريقة النظير إلى للنظير كان به الكثير من القيود، والتي حدت بعد
ذلك من مقدار الأموال التي يمكننا جنيها من العمل، وبالتالي حدت من المرونة التي
كانت لدينا مع أعمالنا، لأننا كنا نعتمد على أموال الآخرين بشكل فعال."
و يقول: كنا نحصر أنفسنا أيضًا في
الإقراض الاستهلاكي قصير الأجل، على عكس أشياء مثل بطاقات الائتمان, وهذا ما
أوصلنا إلى فكرة أننا بحاجة إلى أن نمتلك قدرًا أكبر من مصيرنا. كان أحد المسارات
المتاحة لنا هو أن نصبح مقرضًا كبيرًا ممولًا بالجملة. شعرت أن المسار الأفضل
والأكثر استقرارًا والأكثر استدامة هو الحصول على ترخيص مصرفي."
عام 2017.. سنة التحول
في نوفمبر 2016 ، أعلنت Zopa عن نيتها التقدم بطلب للحصول على ترخيص
مصرفي حتى تتمكن من توسيع نطاق المنتجات المالية التي تقدمها للمستهلكين في بريطانيا.
في مايو عام 2017م حصلت Zopa على رخصة من قبل هيئة
السلوك المالي في بريطانيا لعدة منتجات مصرفية منها حساب التوفير الفردي و منتجات ISA المالية المبتكرة.
وفي أغسطس 2018م، حصلت Zopa على تمويل بقيمة 44 مليون جنيه إسترليني
لإطلاق بنكها الرقمي المنافس الجديد.
وفي ديسمبر 2018م، مُنحت الشركة تراخيص
مصرفية مؤقتة من قبل المنظمين الماليين في بريطانيا.
أزمة منصات التمويل الجماعي
عانت
منصات التمويل الجماعي في بريطانيا من حالات تعثر في السداد و أزمة تشريعات, بسبب
محدودية الرخصة, لم تكن الصلاحيات تسمح لهم بالقيام بإجراءات فحص ائتماني
للمقترضين أو أخذ رهونات أو رفع مقدار مبلغ الاقتراض, مما تسبب في مواجهة صعوبات
لمنصات التمويل الجماعي أدت لخروج الكثير منهم من السوق.
5
أسباب تراجع المنصات:
- ضعف الإفصاح: لم يكن باستطاعة المنصات
الوصول الكامل لبيانات المقترضين للقيام بتقييم ائتماني جيد و صحيح, بالتالي أثر
ذلك في حدوث حالات تعثر كثيرة.
من أهم العناصر في عمليات الإقراض هي إدارة مخاطر الائتمان، من السهل جدًا إقراض المال، خاصة في الأوقات الجيدة لكن المشكلة هي في استرداد الأموال.
من أهم العناصر في عمليات الإقراض هي إدارة مخاطر الائتمان، من السهل جدًا إقراض المال، خاصة في الأوقات الجيدة لكن المشكلة هي في استرداد الأموال. - الضمانات: لم تتمكن المنصات من الحصول
على ترخيص يسمح لها بفرض رهونات عقارية أو أصول على المقترضين مقابل القروض, كانت
الرخصة تنص على صلاحيات محدودة, لذلك قامت بعض المنصات بالتحول من خدمة الإقراض لفئة
الافراد إلى خدمة الشركات.
- التوسع: سياسة المشرّع FCA
تحد من تقديم قروض مفتوحة في السنة الواحدة, بسبب محدودية الرخصة, و كذلك القروض
للأفراد بحد مالي محدد, هذا القرار جعل الكثير من المنصات لا تتوسع في عملها, و
بكون أنها شركات ناشئة تقنية تعتمد على التوسع السريع من خلال جلب استثمارات رأس
المال الجريء وجدت منصة زوبا zopa صعوبة في رفع سقف الإقراض و النمو لحد 2
مليار جنيه إسترليني عام 2017م, و هذا ما يشجعها للحصول على رخصة مصرف رقمي من اجل
القدرة على تحقيق نمو أكبر في نفس المجال في قطاع التمويل بعيدا عن التمويل
الجماعي.
- الفئة المستهدفة: تعِد المنصات
المستثمرين بعائد سنوي يصل لـ 12% و هي أفضل عائداً من الودائع التي تقدمها البنوك
بـ 10 أضعاف, ثم تقوم بإقراض أموالهم إلى الأفراد و الشركات الصغيرة التي تواجه
مصاعب بالحصول على الأموال من البنوك بسبب تصنيفها الائتماني الضعيف؛ لذلك تحدث
حالات تعثر.
- أزمة تشريعات: لم تكن الجهات التشريعية في بريطانيا متجاوبة بشكل كافي و سريع مع مستجدات السوق, محدودية الصلاحيات للمنصات حدت من نمو و تطور عمل المنصات, كان المشرع ينظر للجوانب السلبية و المخاطر أكثر من تطوير عمل هذا القطاع التقني المالي الجديد, فعندما تعرضت منصة Funding Secure لتخلف أحد المقترضين و تضرر أكثر من 3500 مستثمر, فرض المشرع تشديدات جديدة على جميع المنصات.
النقلة الكبيرة
كانت
سنة 2020 النقلة الكبيرة في حياة شركة زوبا Zopa بعد حصولها على ترخيص مصرفي كامل, مكنها من
تقديم خدمات مصرفية متعددة و بمبالغ كبيرة.
أول ترخيص: في السنوات الأخيرة، بعد
تحديات واجهتها منصات التمويل الجماعي ، قامت شركة زوبا Zopa
بتكييف نموذج أعمالها لاحتضان ما وقفت ضده في البداية, تم منحها ترخيصًا مصرفيًا
كاملاً في بريطانيا في يونيو 2020، وهي تقدم الآن منتجات مثل بطاقات الائتمان
والقروض الشخصية وحسابات التوفير ذات السعر الثابت وتمويل السيارات.
و في شهر مارس 2021م، كانت Zopa قد جذبت حوالي 250 مليون جنيه إسترليني في
حسابات التوفير ذات الأجل المحدد وأصبحت من "العشرة الأوائل" في إصدار
بطاقات الائتمان, في نفس الشهر، جمعت الشركة 20 مليون جنيه إسترليني إضافية من رأس
المال من مستثمريها الحاليين.
في
يونيو من عام 2022م استحوذت زوبا على شركة لتقديم خدمة BNPL "اشتر الان و ادفع لاحقاً", يفسر الرئيس
التنفيذي هذا القرار بأنها ضمن الخطة لتلبية رغبت عملائهم لتقديم خدمت تمويلية
جديدة خصوصاً للفئة العمرية ما بين 18 سنة و 30 سنة, التي تطلب شراء بعض المنتجات
و دفعها على شكل أقساط لفترة 6 شهور إلى 12 شهر بطريقة "اشتر الان و ادفع
لاحقا".
يقول الرئيس التنفيذي: من عام 2015 استطعنا بناء نظام يقوم بتحليل البيانات يحدد
معدل المخاطرة لكل فرصة مطروحة, و بعد 7 سنوات يستطيع النظام معالجة الطلبات خلال
5 ثواني فقط و 90% من صنع القرار لدينا يتم بشكل آلي و 95% من القرارات ممكن تحدث
خلال 5 ثواني فقط.
استطعنا تكثيف قاعدة البيانات للعملاء
بالتعاون مع تجار التجزئة والأطراف الذين نتعاون معهم وهذا ساعدنا على تقليل
المخاطر الإئتمانية حين تقديم قروض.
وفي شهر أكتوبر من عام 2022، جمعت الشركة 300
مليون دولار من صندوق رؤية سوفت بنك ومستثمرين آخرين على تقييم 1 مليار دولار.
و تم جمع 75 مليون جنيه إسترليني أخرى
من المستثمرين الحاليين, باستثناء سوفت بنك في أوائل عام 2023م
نهاية زوبا Zopa
في ديسمبر من عام 2021م ، صدمت Zopa
السوق بأنها سوف توقِف خدمة التمويل الجماعي بالدين و قامت بإخبار المدخرين أنها
لن تقبل أي أموال جديدة.
قامت زوبا Zopa
بإغلاق منصة التمويل الجماعي بالدين بأثر فوري بعد 16 سنة من
العمل المتواصل, و أعلنت أنها سوف تشتري قروض مستثمريها بقيمتها الاسمية الحالية بما
في ذلك القروض المتأخرة، دون أي رسوم قد يتكبدونها، و طلبت من المستثمرين استرداد
أموالهم بحلول 31 يناير 2022م, ولن يكون هناك أي تأثير على المقترضين.
زوبا
تلوم المشرّع
قالت الشركة للعملاء: "للأسف ،
على مدى السنوات القليلة الماضية، تضررت ثقة العملاء بالاستثمار في منصات التمويل
الجماعي بسبب عدد صغير من الشركات التي أدى نهجها إلى خسائر مادية للعملاء الذين
يستثمرون في تلك المنصات. ويرتبط بهذا باللوائح التنظيمية المتغيرة في القطاع التي
جعلت من الصعب النمو والبقاء مجديًا تجاريًا ".
كانت زوبا Zopa
خياراً استثمارياً جيدا للمستثمرين، و جزءً كبيراً من محفظتهم الاستثمارية, تقول
الشركة إنه منذ الإطلاق، بلغ متوسط العائد 5٪، وحتى أثناء الوباء تمكنت من تحقيق
متوسط قدره 3.9٪. هذا بالمقارنة مع 1.37٪ إلى 1.75٪ كانت تقدمه البنوك للذين يضعون
أموالهم في حسابات التوفير ذات السعر الثابت لدى البنوك، والتي تتضمن تقييد أموالك
لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات.
لم تكن منصة زوبا Zopa
المنصة الوحيدة التي أغلقت خدمة التمويل الجماعي, الكثير من المنصات أغلقت أبوابها
لأسباب مشابهة, فقد أغلق موقع RateSetter
الذي يعتبر سابقًا أكبر موقع تمويل
جماعي في بريطانيا، بينما يركز اللاعب الكبير الآخر شركة
Funding Circle الآن على تقديم قروض
الأعمال الصغيرة.
ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من المنصات
مفتوحة للعمل. أحد أشهر اللاعبين هو Lending Works،
تعد المستثمرين بعوائد متوقعة تصل إلى
4.5٪ سنوياً.
تقدم بعض منصات التمويل الجماعي
الصغيرة عروض استثمارية مغرية, بمكاسب مالية أكثر من 12% سنوياً مثل منصة بليند
للقروض العقارية.
خلال 16 سنة:
قدمت شركة زوبا Zopa أكثر من 5 مليار جنيه إسترليني لـ 450 ألف
مقترض.
شارك
معها 60 ألف مستثمر ضخوا 350 مليون جنيه إسترليني.
لا
زالت شركة زوبا Zopa
تقدم أعمالها الجديدة حتى اليوم, مثل منتجات اشتر الآن و ادفع لاحقاً, بطاقات الائتمان والقروض
الشخصية وحسابات التوفير ذات السعر الثابت وتمويل السيارات.